الحديث

مسند إسحاق بن راهويه📖







مسند إسحاق بن راهويه (8)


8 - أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرُّؤَاسِيُّ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : نا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ خَلَقَ الصُّورَ، فَأَعْطَاهُ إِسْرَافِيلَ، فَهُوَ وَاضِعُهُ عَلَى فِيهِ شَاخِصٌ بَصَرَهُ إِلَى الْعَرْشِ يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ، قَالَ : أَبُو هُرَيْرَةَ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الصُّورُ ؟ قَالَ : " الْقَرْنُ " . قُلْتُ : وَكَيْفَ هُوَ ؟ قَالَ : " عَظِيمٌ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ عَظْمَ دَارَةٍ فِيهِ لَكَعَرْضِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، يَأْمُرُ اللَّهُ إِسْرَافِيلَ أَنْ يَنْفُخَ ثَلاثَ نَفَخَاتٍ، الأُولَى : نَفْخَةُ الْفَزَعِ، وَالثَّانِيَةُ : نَفْخَةُ الصُّعُوقِ، وَالثَّالِثَةُ : نَفْخَةُ الْقِيَامِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، يَأْمُرُ اللَّهُ إِسْرَافِيلَ، فَيَقُولُ لَهُ : انْفُخْ نَفْخَةَ الْفَزَعِ، فَيَفْزَعَ أَهْلُ السَّمَوَاتِ وَأَهْلُ الأَرْضِ، إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، فَيَأْمُرُهُ فَيُدِيمُهَا وَيُطَوِّلُهَا فَلا يَفْتُرُ، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلاءِ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ سورة ص آية، فَيُسَيِّرُ اللَّهُ الْجَبَالَ فَتَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، ثُمَّ تَكُونَ تُرَابًا وَتَرْتَجُّ الأَرْضُ بِأَهْلِهَا رَجًّا، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ { } تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ { } قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ سورة النازعات آية -، فَتَكُونَ الأَرْضُ كَالسَّفِينَةِ الْمُوثَقَةِ فِي الْبَحْرِ، تَضْرِبُهَا الأَمْوَاجُ تُكْفَأُ بِأَهْلِهَا، أَوْ كَالْقِنْدِيلِ الْمُعَلَّقِ بِالْعَرْشِ تُرْجِحُهُ الأَرْوَاحُ، فَتَمِيدُ النَّاسُ عَلَى ظَهْرِهَا فَتَذْهَلُ الْمَرَاضِعُ، وَتَضَعُ الْحَوَامِلُ، وَتَشِيبُ الْوِلْدَانُ، وَتَطِيرُ الشَّيَاطِينُ هَارِبَةً حَتَّى تَأْتِيَ الأَقْطَارَ، فَتَلْقَاهَا الْمَلائِكَةُ فَتَضْرِبُ وَجُوهَهَا، فَيَرْجِعُ وَيُوَلِّي النَّاسُ مُدْبِرِينَ، يُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَوْمَ التَّنَادِ { } يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ سورة غافر آية -، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذِ انْصَدَعَتِ الأَرْضُ فَانْصَدَعَتْ مِنْ قُطْرٍ إِلَى قُطْرٍ، فَرَأَوْا أَمْرًا عَظِيمًا، فَأَخَذَهُمْ لِذَلِكَ مِنَ الْكَرْبِ وَالْهَوْلِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ، ثُمَّ تَكُونَ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ، ثُمَّ انْشَقَّتْ مِنْ قُطْرٍ إِلَى قُطْرٍ، ثُمَّ انْخَسَفَتْ شَمْسُهَا، وَقَمَرُهَا، وَانْتَثَرَتْ نُجُومُهَا، ثُمَّ كُشِطَتِ السَّمَاءُ عَنْهُمْ "، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَالأَمْوَاتُ لا يَعْلَمُونَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ "، قَالَ : أَبُو هُرَيْرَةَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ حِينَ يَقُولُ : فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ سورة النمل آية، فَقَالَ : " أُولَئِكَ الشَّهَدَاءُ وَهُمْ أَحْيَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ، وَإِنَّمَا يَصِلُ الْفَزَعُ إِلَى الأحْيَاءِ، فَوَقَاهُمُ اللَّهُ فَزَعَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَأَمَّنَهُمْ مِنْهُ، وَهُوَ عَذَابُ اللَّهِ يَبْعَثُهُ عَلَى شِرَارِ خَلْقِهِ، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ : يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ { } يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ سورة الحج آية - "، قَالَ : " فَيَمْكُثُونَ فِي ذَلِكَ الْبَلاءِ مَا شَاءَ اللَّهُ، إِلا أَنَّهُ يَطُولُ ذَلِكَ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ إِسْرَافِيلَ بِنَفْخَةِ الصَّعْقِ، فَيُصْعَقُ أَهْلُ السَّمَوَاتِ وَأَهْلُ الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِذَا هُمْ خَمَدُوا خُمُودًا، فَجَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى الْجَبَّارِ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ، قَدْ مَاتَ أَهْلُ السَّمَوَاتِ وَأَهْلُ الأَرْضِ إِلا مَنْ شِئِتَ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ وَهُوَ أَعْلَمُ : فَمَنْ بَقِيَ ؟ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ، أَنْتَ الْحَيُّ لا تَمُوتُ وَبَقِيَ حَمَلَةُ عَرْشِكَ، وَجِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وَأَنَا، فَيَقُولُ اللَّهُ : لِيَمُتْ جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، قَالَ : فَيَتَكَلَّمُ الْعَرْشُ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ، أَتُمِيتُ جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : اسْكُتْ، فَإِنِّي كَتَبْتُ عَلَى مَنْ كَانَ تَحْتَ عَرْشِي الْمَوْتَ، فَيَمُوتَانِ وَيَأْتِي مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى الْجَبَّارِ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ، قَدْ مَاتَ جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، فَيَقُولُ وَهُوَ أَعْلَمُ : فَمَنْ بَقِيَ ؟ فَيَقُولُ : بَقِيتَ أَنْتَ الْحَيُّ لا تَمُوتُ، وَبَقِيَ حَمَلَةُ عَرْشِكَ، وَأَنَا، فَيَقُولُ اللَّهُ : لِيَمُتْ حَمَلَةُ عَرْشِي، فَيَمُوتُونَ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ وَهُوَ أَعْلَمُ : فَمَنْ بَقِيَ ؟ فَيَقُولُ : بَقِيتَ أَنْتَ الْحَيُّ لا تَمُوتُ وَبَقِيتُ أَنَا، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : أَنْتَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِي، خَلَقْتُكَ لِمَا قَدْ رَأَيْتَ فَمُتْ، فَيَمُوتَ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إِلا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ الصَّمَدُ الَّذِي لَيْسَ بِوَالِدٍ وَلا وَلَدٍ كَانَ آخِرًا كَمَا كَانَ أَوَّلا، قَالَ : خُلُودٌ لا مَوْتَ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَلا مَوْتَ عَلَى أَهْلِ النَّارِ، قَالَ : ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ؟ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ؟ فَلا يُجِيبُهُ أَحَدٌ، ثُمَّ يَقُولُ لِنَفْسِهِ : لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ سورة إبراهيم آية، ثُمَّ يَطْوِي اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكِتَابِ، ثُمَّ يُبَدِّلُ اللَّهُ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ غَيْرَ الأَرْضِ، ثُمَّ دَحَا بِهَا، ثُمَّ يَلْفُفُهَا، ثُمَّ قَالَ : أَنَا الْجَبَّارُ، ثُمَّ يُبَدِّلُ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ غَيْرَ الأَرْضِ، ثُمَّ دَحَاهُمَا، ثُمَّ يَلْفُفُهُمَا، فَقَالَ ثَلاثًا : أَنَا الْجَبَّارُ، أَلا مَنْ كَانَ لِي شَرِيكًا فَلْيَأْتِ، أَلا مَنْ كَانَ لِي شَرِيكًا فَلْيَأَتِ، فَلا يَأَتِيهِ أَحَدٌ، فَيَبْسُطُهَا وَيَسْطَحُهَا وَيَمُدُّهَا مَدَّ الأَدِيمِ الْعُكَاظِيِّ، لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا، ثُمَّ يَزْجُرُ اللَّهُ الْخَلْقَ زَجْرَةً وَاحِدَةً، فَإِذَا هُمْ فِي هَذِهِ الْمُبْدَلَةِ فِي مِثْلِ مَوَاضِعِهِمُ الأُولَى، مَنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا كَانَ فِي بَطْنِهَا، وَمَنْ كَانَ عَلَى ظَهْرِهَا كَانَ عَلَى ظَهْرِهَا، ثُمَّ يُنَزِّلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَاءً مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ، فَتُمْطِرُ السَّمَاءُ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَيَنْبُتُونَ كَنَبَاتِ الطَّرَاثِيثِ وَكَنَبَاتِ الْبَقْلِ، حَتَّى إِذَا تَكَامَلَتْ أَجْسَادُهُمْ فَكَانَتْ كَمَا كَانَتْ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لِيَحْيَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ فَيَحْيَوْنَ، ثُمَّ يَقُولُ : لِيَحْيَ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ، فَيَحْيِيَانَ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ إِسْرَافِيلَ، فَيَقُولُ لَهُ : انْفُخْ نَفْخَةَ الْبَعْثِ، وَيَنْفُخُ نَفْخَةَ الْبَعْثِ، فَتَخْرُجُ الأَرْوَاحُ كَأَنَّهَا النَّحْلُ قَدْ مَلأَتْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَيَقُولُ الْجَبَّارُ : وَعِزَّتِي وَجَلالِي لَيَرْجِعَنَّ كُلُّ رُوحٍ إِلَى جَسَدِهِ، فَتَدْخُلُ الأَرْوَاحُ فِي الأَرْضِ عَلَى الأَجْسَادِ، ثُمَّ تَمْشِي فِي الْخَيَاشِيمِ كَمَشْيِ السُّمِّ فِي اللَّدِيغِ، ثُمَّ تَنْشَقُّ عَنْهُمُ الأَرْضُ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ، فَتَخْرُجُونَ سِرَاعًا إِلَى رَبِّكُمْ تَنْسِلُونَ، كُلُّكُمْ عَلَى سِنِّ ثَلاثِينَ، وَاللِّسَانُ يَوْمَئِذٍ سُرْيَانِيَّةٌ، مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ سورة القمر آية، ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ، يُوقَفُونَ فِي مَوْقِفٍ وَاحِدٍ مِقْدَارَ سَبْعِينَ عَامًا، حُفَاةً عُرَاةً غُلْفًا غُرْلا، لا يَنْظُرُ إِلَيْكُمْ وَلا يَقْضِي بَيْنَكُمْ، فَيَبْكِي الْخَلائِقُ حَتَّى يَنْقَطِعَ الدَّمْعُ وَيَدْمَعُونَ دَمًا، وَيَغْرَقُونَ حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ مِنْهُمُ الأَذْقَانَ وَيُلْجِمَهُمْ، ثُمَّ يَضِجُّونَ، فَيَقُولُونَ : مَنْ يَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّنَا لِيَقْضِيَ بَيْنَنَا ؟، فَيَقُولُونَ : وَمَنْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ أَبِيكُمْ آدَمَ، خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَكَلَّمَهُ قُبُلا، فَيُؤْتَى آدَمُ فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَأْبَى، فَيَسْتَقِرُونَ الأَنْبِيَاءَ نَبِيًّا نَبِيًّا، كُلَّمَا جَاءُوا نَبِيًّا أَبَى، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَتَّى يَأْتُونِي، فَإِذَا جَاءُونِي انْطَلَقْتُ حَتَّى آتِيَ الْفَحْصَ فَأَخِرُّ قُدَّامَ الْعَرْشِ سَاجِدًا، فَيَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيَّ مَلَكًا فَيَأْخُذُ بِعَضُدِي، فَيَرْفَعُنِي "، قَالَ : أَبُو هُرَيْرَةَ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْفَحْصُ ؟ فَقَالَ : " قُدَّامُ الْعَرْشِ، قَالَ : يَقُولُ اللَّهُ : مَا شَأْنُكَ يَا مُحَمَّدُ ؟ وَهُوَ أَعْلَمُ، فَأَقُولُ : يَا رَبِّ، وَعَدْتَنِي الشَّفَاعَةَ، فَشَفِّعْنِي فِي خَلْقِكَ فَاقْضِ بَيْنَهُمْ، قَالَ : فَيَقُولُ اللَّهُ أَنَا آتِيكُمْ فَأَقْضِي بَيْنَكُمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَأَجِيءُ فَأَرْجِعُ، فَأَقِفُ مَعَ النَّاسِ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ وَقُوفًا إِذْ سَمِعْنَا حِسًّا مِنَ السَّمَاءِ شَدِيدًا، فَهَالَنَا، فَنَزَلَ أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِمِثْلَيْ مَنْ فِيهَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الأَرْضِ أَشْرَقَتِ الأَرْضُ لِنُورِهِمْ، فَأَخَذُوا مَصَافَّهُمْ، فَقُالوا : أَفِيكُمْ رَبُّنَا ؟ فَقَالُوا : لا وَهُوَ آتٍ، ثُمَّ يَنْزِلُ أَهْلُ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ بِمِثْلَيْ مَنْ نَزَلَ مِنَ الْمَلائِكَةِ وَبِمِثْلَيْ مَنْ فِيهَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الأَرْضِ أشْرَقَتِ الأَرْضُ لِنُورِهِمْ، وَأَخَذُوا مَصَافَّهُمْ، فَقُلْنَا لَهُمْ : أَفِيكُمْ رَبُّنَا ؟ فَقَالُوا : لا وَهُوَ آتٍ، ثُمَّ يَنْزِلُ أَهْلُ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ بِمِثْلَيْ مَنْ نَزَلَ مِنَ الْمَلائِكَةِ وَبِمِثْلَيْ مَنْ فِيهَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الأَرْضِ أَشْرَقَتِ الأَرْضُ لِنُورِهِمْ، وَأَخَذُوا مَصَافَّهُمْ، فَقُلْنَا لَهُمْ : أَفِيكُمْ رَبُّنَا ؟ فَقَالُوا : لا وَهُوَ آتٍ، ثُمَّ يَنْزِلُ أَهْلُ السَّمَوَاتِ سَمَاءً سَمَاءً عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّضْعِيفِ حَتَّى يَنْزِلَ الْجَبَّارُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ تَحْمِلُ عَرْشَهُ ثَمَانِيَةٌ، وَهُمُ الْيَوْمَ أَرْبَعَةٌ، أَقْدَامُهُمْ عَلَى تُخُومِ الأَرْضِ السُّفْلَى، وَالأَرْضُونَ وَالسَّمَوَاتُ عَلَى حُجُزِهِمْ وَالْعَرْشُ عَلَى مَنَاكِبِهِمْ، لَهُمْ زَجَلٌ مِنَ التَّسْبِيحِ، وَتَسْبِيحُهُمْ أَنْ يَقُولُوا : سُبْحَانَكَ ذِي الْمُلْكِ ذِي الْمَلَكُوتِ، سُبْحَانَ رَبِّ الْعَرْشِ ذِي الْجَبَرُوتِ، سُبْحَانَ رَبِّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ، قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، سُبْحَانَ رَبِّنَا الأَعْلَى، سُبْحَانَ رَبِّ الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالسُّلْطَانِ وَالْعَظَمَةِ، سُبْحَانَهُ أَبَدَ الأَبَدِ، سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ، سُبْحَانَ الَّذِي يُمِيتُ الْخَلائِقَ وَلا يَمُوتُ، ثُمَّ يَضَعُ اللَّهُ عَرْشَهُ حَيْثُ يَشَاءُ مِنَ الأَرْضِ، فَيَقُولُ : وَعِزَّتِي وَجَلالِي لا يُجَاوِزُنِي أَحَدٌ الْيَوْمَ بِظُلْمٍ، ثُمَّ يُنَادِي نِدَاءً يُسْمِعُ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ، فَيَقُولُ : إِنِّي أُنْصِتُ لَكُمْ مُنْذُ خَلَقْتُكُمْ، أُبْصِرُ أَعْمَالَكُمْ، وَأَسْمَعُ قَوْلَكُمْ، فَأَنْصِتُوا إِلَيَّ، فَإِنَّمَا هِيَ صُحُفُكُمْ وَأَعْمَالُكُمْ تُقْرَأُ عَلَيْكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ الْيَوْمَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ جَهَنَّم، فَيَخْرُجُ مِنْهَا عُنُقٌ سَاطِعٌ مُظْلِمٌ، فَيَقُولُ : وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ { } أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ سورة يس آية - إِلَى قَوْلِهِ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ سورة يس آية، قَالَ : فَيَقْضِي اللَّهُ بَيْنَ خَلْقِهِ إِلا الثَّقَلَيْنِ : الْجِنَّ وَالإِنْسَ، يُقِيدُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُقِيدُ الْجَمَّاءَ مِنْ ذَاتِ الْقَرْنِ، فَإِذَا لَمْ تَبْقَ تَبِعَةٌ لِوَاحِدَةٍ عِنْدَ أُخْرَى، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهَا : كُونِي تُرَابًا، فَعِنْدَ ذَلِكَ : وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا سورة النبأ آية، ثُمَّ يَقْضِي اللَّهُ بَيْنَ الثَّقَلَيْنِ : الْجِنِّ وَالإِنْسِ، فَيَكُونَ أَوَّلُ مَا يَقْضِي فِيهِ الدَّمَاءَ، فَيُؤْتَى بِالَّذِي كَانَ يَقْتُلُ فِي الدُّنْيَا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ وَكِتَابِهِ، وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ، كُلُّهُمْ يَحْمِلُ رَأْسَهُ تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا، فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا قَتَلَنِي هَذَا، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ وَهُوَ أَعْلَمُ : لِمَ قَتَلْتَ هَذَا ؟ فَيَقُولُ : قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لَكَ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : صَدَقْتَ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ لِوَجْهِهِ مِثْلَ نُورِ الشَّمْسِ، وَتُشَيِّعُهِ الْمَلائِكَةُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَيُؤْتَى بِالَّذِي كَانَ يَقْتُلُ فِي الدُّنْيَا عَلَى غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ وَأَمْرِهِ تَعَزُّزًا فِي الدُّنْيَا، وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ، كُلُّهُمْ يَحْمِلُ رَأْسَهُ تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا، فَيَقُولُ : يَا رَبَّنَا، قَتَلْتُ هَذَا، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ وَهُوَ أَعْلَمُ : لِمَ قَتَلْتَ هَذَا وَهُوَ أَعْلَمُ ؟ فَيَقُولُ : قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِي، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : تَعِسْتَ تَعِسْتَ تَعِسْتَ، فَيُسَوِّدُ اللَّهُ وَجْهَهُ، وَتَزْرَقُّ عَيْنَاهُ، فَلا تَبْقَى نَفْسٌ قَتَلَهَا إِلا قُتِلَ بِهَا، ثُمَّ يَقْضِي اللَّهُ بَيْنَ مَنْ بَقِيَ مِنْ خَلْقِهِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُكَلِّفُ يَوْمَئِذٍ شَائِبَ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ، ثُمَّ يَبِيعُهُ أَنْ يُخَلِّصَ الْمَاءَ مِنَ اللَّبَنِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ لأَحَدٍ عِنْدَ أَحَدٍ تَبِعَةٌ، نَادَى مُنَادٍ فَأَسْمَعَ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ، فَقَالَ : أَلا لِتَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِآلِهَتِهِمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَلا يَبْقَى أَحَدٌ عَبَدَ دُونَ اللَّهِ شَيْئًا إِلا مُثِّلَتْ لَهُ آلِهَتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُجْعَلُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ يَوْمَئِذٍ عَلَى صُورَةِ عُزَيْرٍ، فَيَتَّبِعُهُ الْيَهُودُ، وَيُجْعَلُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ يَوْمَئِذٍ عَلَى صُورَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ، فَيَتَّبِعُهُ النَّصَارَى، ثُمَّ تَقُودُهُمْ آلِهَتُهُمْ إِلَى النَّارِ، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ : لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا سورة الأنبياء آية، قَالَ : ثُمَّ يَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِيمَا شَاءَ مِنْ هَيْبَةٍ، فَيَقُولُ : أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ ذَهَبَ النَّاسُ الْحَقُوا بِآلِهَتِكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونَ اللَّهِ، فَيَقُولُونَ : وَاللَّهِ مَا لَنَا مِنْ إِلَهٍ إِلا اللَّهُ، وَمَا كُنَّا نَعْبُدُ غَيْرَهُ، قَالَ : فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ وَهُوَ اللَّهُ مَعَهُمْ، ثُمَّ يَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِيمَا شَاءَ مِنْ هَيْبَتِهِ، فَيَقُولُ : أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ ذَهَبَ النَّاسُ الْحَقُوا بِآلِهَتِكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونَ اللَّهِ، فَيَقُولُونَ : وَاللَّهِ مَا لَنَا مِنْ إِلَهٍ إِلا اللَّهُ، وَمَا كُنَّا نَعْبُدُ غَيْرَهُ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ وَهُوَ اللَّهُ مَعَهُمْ، ثُمْ يَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِيمَا شَاءَ مِنْ هَيْبَتِهِ، فَيَقُولُ : أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ ذَهَبَ النَّاسُ الْحَقُوا بِآلِهَتِكُمْ، وَمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونَ اللَّهِ، فَيَقُولُونَ : مَا كُنَّا نَعْبُدُ غَيْرَهُ، فَيَقُولُ : أَنَا رَبُّكُمْ فَهَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ مِنْ آيَةٍ تَعْرِفُونَهَا، قَالَ : فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ، فَيَتَجَلَّى لَهُمْ مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ مَا يَعْرِفُونَ بِهِ أَنَّهُ رَبُّهُمْ، فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا، وَيَجْعَلُ اللَّهُ أَصْلابَ الْمُنَافِقِينَ كَصَيَاصِيِّ الْبَقَرِ، وَيَخِرُّونَ عَلَى أَقْفِيَتِهِمْ، ثُمَّ يَأْذَنُ اللَّهُ لَهُمْ أَنْ يَرْفَعُوا رُءُوسَهُمْ، وَيُضْرَبُ بِالصِّرَاطِ بَيْنَ ظَهْرَانَيِّ جَهَنَّمَ كَحَدِّ الشَّعْرَةِ، أَوْ كَحَدِّ السَّيْفِ لَهُ كَلالِيبُ، وَخَطَاطِيفُ، وَحَسَكٌ كَحَسَكِ السَّعْدَانِ، دُونَهُ جِسْرٌ دَحِيضٌ مَزْلَقَةٌ، فَيَمُرُّونَ كَطَرْفِ الْعَيْنِ، وَكَلَمْعِ الْبَرْقِ، وَكَمَرِّ الرِّيحِ، وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ، وَكَأَجَاوِيدِ الرِّكَابِ، وَكَأَجَاوِيدِ الرِّجَالِ، فَنَاجٍ سَالِمٍ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٍ، وَمَكْدُوسٍ عَلَى وَجْهِهِ، فَيَقَعُ فِي جَهَنَّمَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَوْبَقَتْهُمْ أَعْمَالُهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُ النَّارُ قَدَمَيْهِ لا تُجَاوِزُ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى حَقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُ كُلَّ جَسَدِهِ، إِلا صُوَرَهُمْ يُحَرِّمُهَا اللَّهُ عَلَيْهَا، فَإِذَا أَفْضَى أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ، قَالُوا : مَنْ يَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّنَا لِيُدْخِلَنَا الْجَنَّةَ، قَالَ : فَيَقُولُونَ : وَمَنْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ أَبِيكُمْ آدَمَ خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، وَكَلَّمَهُ قُبُلا، فَيُؤْتَى آدَمُ فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَأْبَى وَيَقُولُ : عَلَيْكُمْ بِنُوحٍ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ رُسُلِ اللَّهِ، فَيُؤْتَى نُوحٌ فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَذْكُرُ ذَنْبًا، وَيَقُولُ مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ، فَإِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَهُ خَلِيلا، فَيُؤْتَى إِبْرَاهِيمُ فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَقُولُ : مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى، فَإِنَّ اللَّهَ قَرَّبَهِ نَجِيًّا وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ، فَيُؤْتَى مُوسَى فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَقُولُ : مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِرُوحِ اللَّهِ وَكَلِمَتِهِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَيُؤْتَى عِيسَى فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَقُولُ : مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ وَلَكِنْ سَأَدُلُّكُمْ، عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : فَيَأْتُونِي وَلِي عِنْدَ رَبِّي ثَلاثُ شَفَاعَاتٍ وَعَدَنِيهِنَّ، قَالَ : فَآتِي الْجَنَّةَ فَآخُذُ بِحَلْقَةِ الْبَابِ، فَأَسْتَفْتِحُ فَيُفْتَحُ لِي فَتْحًا، فَأُحَيِّي وَيُرَحَّبُ بِي، فَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا دَخَلْتُهَا نَظَرْتُ إِلَى رَبِّي عَلَى عَرْشِهِ خَرَرْتُ سَاجِدًا، فَأَسْجُدُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَسْجُدَ، فَيَأْذَنُ اللَّهُ لِي مِنْ حَمْدِهِ وَتَمْجِيدِهِ بِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، ثُمَّ يَقُولُ : ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَاسْأَلْ تُعْطَهْ، قَالَ : فَأَقُولُ : يَا رَبِّ، مَنْ وَقَعَ فِي النَّارِ مِنْ أُمَّتِي، فَيَقُولُ اللَّهُ : اذْهَبُوا فَمَنْ عُرِفَتْ صُورَتُهُ، فَأَخْرِجُوهُ مِنَ النَّارِ، فَيُخْرَجُ أُولَئِكَ حَتَّى لا يَبْقَى أَحَدٌ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ : اذْهَبُوا فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجُوهُ مِنَ النَّارِ، ثُمَّ يَقُولُ : ثُلُثَيْ دِينَارٍ، ثُمَّ يَقُولُ : نِصْفُ دِينَارٍ، ثُمَّ يَقُولُ : قِيرَاطٌ، ثُمَّ يَقُولُ : اذْهَبُوا، مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، قَالَ : فَيُخْرَجُونَ، فَيُدْخَلُونَ الْجَنَّةَ، قَالَ : فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا أَنْتُمْ بِأَعْرَفَ فِي الدُّنْيَا بِمَسَاكِنِكُمْ وَأَزْوَاجِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِمَسَاكِنِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ، قَالَ : فَيُخْرَجُ أُولَئِكَ، ثُمَّ يَأْذَنُ اللَّهُ فِي الشَّفَاعَةِ فَلا يَبْقَى نَبِيٌّ، وَلا شَهِيدٌ، وَلا مُؤْمِنٌ إِلا يُشَفَّعُ، إِلا اللَّعَانَ، فَإِنَّهُ لا يُكْتَبُ شَهِيدًا، وَلا يُؤْذَنُ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ : أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيُخْرِجُ اللَّهُ مِنْ جَهَنَّمَ مَا لا يُحْصِي عَدَدَهُ إِلا هُوَ، فَيُلْقِيهِمْ عَلَى نَهْرٍ يُقَالُ لَهُ الْحَيَوَانُ، فَيَنْبُتُونَ فِيهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ مَا يَلِي الشَّمْسَ مِنْهَا أُخَيْضِرُ، وَمَا يَلِي الظِّلَ مِنْهَا أُصَيْفِرُ، قَالَ : فَكَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَأَنَّكَ كُنْتَ فِي الْبَادِيَةِ، ثُمَّ يَنْبُتُونَ فِي جِيَفِهِمْ أَمْثَالَ الذَّرِّ مَكْتُوبٌ فِي أَعْنَاقِهِمُ الْجَهَنَّمِيُّونَ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ، يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ بِذَلِكَ الْكِتَابِ، فَيَمْكُثُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ كَذَلِكَ، ثُمَّ يَقُولُونَ : يَا رَبَّنَا امْحُ عَنَّا هَذَا الاسْمَ، فَيَمْحُو اللَّهُ عَنْهُمْ ذَلِكَ " *